روائع مختارة | روضة الدعاة | استراحة الدعاة | أجيب دعوة الداع.. إذا دعان

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > استراحة الدعاة > أجيب دعوة الداع.. إذا دعان


  أجيب دعوة الداع.. إذا دعان
     عدد مرات المشاهدة: 3968        عدد مرات الإرسال: 1

الدعاء أهم مقامات العبودية، ومن أفضل العبادات؛ لما فيه من إظهار للعبودية والذلة والانكسار والرجوع إلى الله بالكلية.

والرغبة إليه فيما عنده من الخير، والابتهال إليه بالعبادة، والاستعانة والتضرع إليه.

وقد تخلل آيات الصيام في القرآن الكريم قوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} (البقرة: 186). نقف مع هذه الآية الوقفات التالية:

الوقفة الأولى:

ترشد الآية الكريمة إلى أهمية الدعاء في حياة المسلم، وأن الدعاء سلاح المؤمن، يستعين به على درب الحياة. وقد وردت آيات عديدة ترغب في الدعاء وتحث عليه، من ذلك قوله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} (غافر: 60).

وقوله سبحانه: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية} (الأعراف: 55). كما جاء في السنن قوله صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة)، رواه أصحاب السنن وغيرهم. وهذا الحديث يدل على أن الدعاء عبادة. وقد قال الرازي: فمن أبطل الدعاء، فقد أنكر القرآن.

الوقفة الثانية:

تصرح الآية الكريمة أنه تعالى لا يخيب دعاء داع، ولا يشغله عنه شيء، بل هو سميع الدعاء. وقد جاءت أحاديث تؤكد وتقرر هذا المعنى، من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى ليستحيي أن يبسط العبد إليه يديه، يسأله فيهما خيراً، فيردهما خائبتين). رواه الإمام أحمد.

وروى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها، أو صرف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم).

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب، فليكثر الدعاء في الرخاء)، رواه الترمذي.

وروى الطبري عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: ما من عبد مؤمن يدعو الله بدعوة فتذهب، حتى تعجل له في الدنيا، أو تدخر له في الآخرة، إذا لم يعجل أو يقنط. قال عروة: قلت: يا أماه! كيف عجلته وقنوطه؟ قالت: يقول: سألت فلم أُعطَ، ودعوت فلم أُجَب.

الوقفة الثالثة:

ذهب بعض المفسرين إلى أن الآية جاءت مطلقة بإجابة كل داع، واستجابة كل دعوة، ثم قالوا: إن هذا الإطلاق مقيد بآية أخرى، وهي قوله تعالى: {فيكشف ما تدعون إليه إن شاء} (الأنعام: 41).

فهذه الآية تدل على أن إجابة الداعي، واستجابة الدعوة متعلقة بمشيئة الله. وقد تعقب بعض المفسرين هذا القول، بأن قال: الإجابة الموعود بها في الآية إنما هي إجابة في الجملة، على ما تشير إليه كلمة {إذا} لا كلياً، بمعنى أن الإجابة ليست حاصلة لكل داع.

وإنما هي إجابة من حيث الجملة؛ وبالتالي فلا حاجة إلى التقييد بالمشيئة. وكأن المعنى عند هذا البعض: أن من فضل الله وكرمه على عباده أن يجيب دعائهم.

لكن هذا لا ينفي أن لا يجب دعاء من لم يستوف شروط قبول الدعاء، كالإخلاص، والاعتقاد بأن تصريف الأمور كلها إنما هي بيده الله سبحانه.

قال ابن عاشور: دلت الآية على أن إجابة دعاء الداعي تَفَضُّل من الله على عباده، غير أن ذلك لا يقتضي التزام إجابة الدعوة من كل أحد وفي كل زمان؛ لأن الخبر لا يقتضي العموم.

الوقفة الرابعة:

قال ابن عاشور: إنما قال تعالى: {فإني قريب}، ولم يقل: (فقل لهم: إني قريب)؛ إيجازاً لظهوره من قوله: {وإذا سألك عبادي عني}؛ وتنبيهاً على أن السؤال مفروض غير واقع منهم بالفعل.

وفيه لطيفة قرآنية وهي التنبيه على أن الله تعالى تولى جوابهم عن سؤالهم بنفسه؛ إذ حذف في اللفظ ما يدل على وساطة النبي صلى الله عليه وسلم؛ تنبيهاً على شدة قرب العبد من ربه في مقام الدعاء.

الوقفة الخامسة:

{فليستجيبوا لي}، أي: فليطلبوا إجابتي لهم إذا دعوني، أو فليجيبوا لي إذا دعوتهم للإيمان والطاعة، كما أني أجيبهم إذا دعوني لحوائجهم. و(استجاب) و(أجاب) واحد، ومعناه إجابته مسألته بتبليغه مراده وسؤاله.

الوقفة السادسة:

{وليؤمنوا بي}، أي: ليؤمنوا بي حق الإيمان؛ بأن يؤمنوا بأن الله واحد أحد، لا شريك له، وأن يؤمنوا بقدرته التي أبدعت وخلقت كل شيء فقدرته تقديراً، وأنه المستعان في الشدائد، والملتجأ في المكاره.

الوقفة السابعة:

طاعة الله تعالى في كل ما يأمر به، وينهى عنه، والإيمان به حق الإيمان هو سبيل الرشاد في هذه الدنيا، وإدراك حقيقتها، وفهمها والإصلاح فيها؛ ولذلك قال تعالى: {لعلهم يرشدون}، أي: يرجون بالإيمان الصادق والالتجاء إليه سبحانه وحده أن يرشدوا، بأن يسيروا في طريق الرشاد الذي لا عوج فيه، فيَصلحون، ويصلح الناس بهم، ويسلكون جميعاً طريق الهداية والرشاد.

قال أبو حيان: وخَتْمُ الآية برجاء الرشد من أحسن الأشياء؛ لأنه تعالى لما أمرهم بالاستجابة له، وبالإيمان به، نبه على أن هذا التكليف ليس القصد منه إلاَّ وصول العبد بامتثاله إلى رشاد نفسه، وأن هذا الرشاد لا يصل إليه تعالى منه شيء من منافعه، وإنما ذلك مختص بالعبد.

الوقفة الثامنة:

قال أهل العلم: في ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء، متخللة بين أحكام الصيام، إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة، بل وعند كل فطر. وفيه أيضاً إيماء إلى أن الصائم مرجو الإجابة، وإلى أن شهر رمضان مرجوة دعواته، وإلى مشروعية الدعاء عند انتهاء كل يوم من رمضان.

الوقفة التاسعة:

ترتجى الإجابة من الأزمان عند السَّحَر، وفي الثلث الأخير من الليل، ووقت الفطر، وما بين الأذان والإقامة، وأوقات الاضطرار، وحالة السفر والمرض، وعند نزول المطر، والصف في سبيل الله، والعيدين.

والساعة التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة: وهي من الإقامة إلى فراغ الصلاة. ومن الأماكن: في الكعبة، وفي الحرم، وفي المشاعر المقدسة، كعرفات، وعند الجمرات، وعلى الصفا والمروة.

أخيراً، فإن باب الدعاء مفتوح على مصراعيه، ولا يجوز لأحد - صالحًا كان أو غير صالح - أن يغلقه على نفسه، ولا على غيره. وقد قال سفيان بن عيينة: لا يمنعن أحد من الدعاء ما يعلم من نفسه، فإن الله تعالى قد أجاب دعاء شر الخلق إبليس: {قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون} (الحجر: 36).

فاستجاب الله له، وذلك قوله: {قال فإنك من المنظرين} (الحجر: 37). فحريٌّ بالمسلم أن يجتهد في الدعاء، ولا يتوانى في ذلك.

المصدر: موقع إسلام ويب